السياحة في مدينة قونية
في الأناضول وسط تركيا، تتوضع مدينة قونية الشهيرة كواحدة من الوجهات السياحية الرائعة.
وفي حين تكتنز جميع المناطق التركية مزيجاً جميلاً من بصمات الحضارات المتعاقبة، تتميز هذه المدينة بطابع خاص وصيت آسر، لا سيما لأتباع الطريقة الصوفية ومحبيها، فالمدينة وطن الفيلسوف والشاعر الصوفي جلال الدين الرومي، ما يجعلها مركزًا لثقافة التصوف، بمعانيها الروحية السامية التي دارت مبادئها في أرجاء العالم.
يعرّفك هذا المقال على كنوز قونيا تركيا، ذات المزيج الفريد من التراث والتنوع الطبيعي، لتكون زيارتك إليها ذكرى لا تُنسى. إنه الأثر الذي تركته تجربة السياحة في مدينة قونية في نفوس من دخلوها.
معلومات عامة عن قونيا تركيا
تقع مدينة قونيا في منطقة الأناضول الوسطى بتركيا، وتُعتبر واحدة من أكبر مدن البلاد من حيث المساحة.
تُحيط بها محافظات مختلفة، إذ تحدها من الشمال أنقرة، ومن الشرق أكساراي ونيغدة، ومن الجنوب أضنة ومرسين، ومن الغرب إسبرطة وبوردور وأفيون قره حصار.
تبلغ مساحة مدينة قونيا حوالي 38,873 كيلومتر مربع. إنها أكثر المدن اتساعًا في البلاد، أما مساحتها الإجمالية كولاية، فتبلغ نحو 91.62 كيلومتر مربع، إذ تضم العديد من المناطق الريفية والقرى إلى جانب المدينة نفسها.
تعاقبت على قونيا حضارات متعددة، لكنها عصرها الذهبي كان عند اتخاذها عاصمة للدولة السلجوقية، التي حكمت بين عامي 1037 و1194م.
للاطلاع على حالة الطقس في قونيا، لا بد من معرفة أنها تتمتع بمناخ قاري، حيث يكون الصيف حارًا وجافًا، والشتاء باردًا ومثلجًا.
تتراوح درجات الحرارة في قونيا في الصيف بين 20 و30 درجة مئوية، أما في الشتاء فتصل في بعض الأحيان إلى ما دون الصفر.
أفضل الأماكن السياحية في قونية
عندما تبحث عن أماكن سياحية في قونيا، سيخطر لك حتماً متحف مولانا جلال الدين الرومي، لكن هناك المزيد مما ستتعرف إليه في هذه القائمة، وإن كان هذا المتحف أول ما يجدر البد به:
متحف مولانا جلال الدين الرومي (Mevlana Museum)
أهم معلم في المنطقة، يقع في منطقة كاراتاي غير البعيد عن وسط المدينة. يضم ضريح الشاعر والفيلسوف الصوفي الشهير.
يتميز بتصميمه المعماري الدافئ، لا سيما المرقد الذي يتألف من غرفة دائرية تضم قبر مولانا، ومنصة تعرض نصوصه وآثاره، حيث يُسمح للزوار بالصلاة والتأمل في هذا المكان الذي يحمل رمزية كبيرة للمعجبين بالرومي، ويشبع فضول الراغبين بالتعرف على تاريخ المولوية والدراويش في قونيا حاضنة الثقافة الصوفية.
تل علاء الدين (Alaaddin Hill)
مكان يضم أثراً سلجوقياً مميزاً، هو مسجد علاء الدين الضخم والمهيب، والذي يعود إلى القرن الثالث عشر. يجاوره منتزه رائع وتتناثر حوله العديد من فبور السلاطين السلاجقة.
مسجد السليمية (Selimiye Mosque)
نسبة إلى السلطان سليم الذي أمر ببنائه بين عامي 1566 و1574. يتميز المسجد بتصميمه العثماني الرائع وبموقعه القريب من متحف جلال الدين الرومي.
وهو من أبرز المعالم الدينية والتاريخية في المدينة، فبالإضافة إلى كونه مكانًا للعبادة،
يُعتبر مركزًا ثقافيًا يجذب السياح والباحثين عن معرفة المزيد عن العمارة العثمانية.
يحتوي مسجد السليمية على قبة كبيرة تحيط بها قباب أصغر، مع مئذنتين رفيعتين على جانبي المدخل الرئيسي.
يتسع لعدد كبير من المصلين، ويتميز بزخارفه الداخلية الجميلة، بما في ذلك النقوش الزخرفية والآيات القرآنية المكتوبة بخطوط إسلامية رائعة.
تُظهر الواجهة الخارجية للمسجد بساطة وأناقة العمارة العثمانية، حيث تُستخدم فيها الأحجار البيضاء والرخام، مع نوافذ مزينة بزجاج ملون يسمح بدخول الضوء بشكل جميل إلى داخل المسجد.
بحيرة بيشهير (Beyşehir Lake)
تقع في شمال غرب مدينة قونية، تحديدًا بينها وبين محافظة إسبرطة، وتُعد ثالث أكبر بحيرة في تركيا وأكبر بحيرة مياه عذبة فيها.
تبلغ مساحة البحيرة حوالي 656 كيلومترًا مربعًا، وتتميز بعمق متوسط يتراوح بين 10 و12 مترًا، ما يجعلها وجهة مثالية للأنشطة المائية، مثل ركوب القوارب وصيد الأسماك.
تُعتبر البحيرة موطنًا للعديد من أنواع الطيور والأسماك، وتُحيط بها محمية بيشهير الوطنية، التي تحتضن تنوعًا كبيرًا من النباتات والحيوانات.
بيشهير واحدة من أهم مواقع مشاهدة الطيور في تركيا، حيث يمكن للزوار رؤية أنواع نادرة من الطيور المهاجرة والمستوطنة.
تُوفر المناطق المحيطة بالبحيرة فرصًا للتخييم والتنزه والاستمتاع بجمال الطبيعة.
توجد العديد من الجزر الصغيرة داخل البحيرة، بعضها يحتوي على آثار تاريخية ومعابد قديمة.
متحف قونية الأثري (Konya Archaeological Museum)
يحتوي على مجموعة واسعة من القطع الأثرية التي تعود لفترات زمنية مختلفة، بدءًا من العصر الحجري مروراً بالروماني وحتى العثماني.
برج السلاجقة (Seljuk Tower)
بناء شاهق الارتفاع في وسط المدينة، لذا يمكن رؤيته من مختلف أنحائها، إذ يعلو 163 مترًا، ما يجعله أحد أطول المباني في الأناضول وتركيا عمومًا.
يتألف من 42 طابقًا، ويجمع بين الهندسة المعمارية العصرية والطابع المستوحى من العمارة السلجوقية، حيث يظهر ذلك في الزخارف والتفاصيل على الواجهة الخارجية.
يُعتبر البرج رمزًا للعصر الحديث في قونيا، ويُمثل مزيجًا من التاريخ والحداثة. يحتوي على مكاتب، ومراكز تجارية، وقاعة مؤتمرات، بالإضافة إلى مطاعم ومقاهٍ.
من أبرز ميزاته وجود مطعم دوار في الطابق العلوي، يُتيح للزوار إطلالة بانورامية على المدينة بالكامل، حيث يمكنهم الاستمتاع بتجربة تناول الطعام مع منظر خلاب للمدينة من مختلف الزوايا.
إنه باختصار وجهة سياحية مفضلة للذين يرغبون في رؤية المدينة من الأعلى أو الاستمتاع بوجبة في المطعم.
يمثل الجسر الذي يربط بين التراث العريق للمدينة والحداثة المعمارية، فهنا ستشاهد المدينة من منظور مختلف.
الفعاليات الثقافية والمهرجانات في قونية
لا بد أنك كونت فكرة عما تعنيه قونيا في وجدان الأتراك عموماً، ما جعلها أرضاً خصبة لأفكار المهرجانات والفعاليات الثقافية التي تعكس تراثها وتاريخها العريق. من أبرز هذه الفعاليات:
مهرجان مولانا جلال الدين الرومي (Mevlana Festival)
يقام هذا المهرجان في شهر ديسمبر من كل عام احتفاءً بذكرى وفاة جلال الدين الرومي، مؤسس الطريقة المولوية الصوفية.
يُعتبر هذا الحدث الأبرز في قونيا، حيث يتضمن عروض الدرويش المولوية الشهيرة (الرقص الصوفي)، إلى جانب الشعر والموسيقى التقليدية.
يجذب المهرجان آلاف الزوار من جميع أنحاء العالم الذين يأتون لاستكشاف الفلسفة الصوفية والاستمتاع بأجواء روحية فريدة.
أبرز فعاليات المهرجان تقام في 17 ديسمبر، اليوم الذي يُعرف باسم "شِب عروس" أو "ليلة العرس" لدى أتباع المولوية، باعتبارها ليلة اللقاء الروحي مع الله.
تتضمن الفعاليات عروضاً للدرويش، ومحاضرات، وجلسات موسيقية، وأمسيات شعرية مستوحاة من قصائد الرومي.
مهرجان الثقافة والكتاب (Konya Culture and Book Fair)
يُعتبر واحدًا من أكبر معارض الكتاب في المنطقة، تشارك فيه العديد من دور النشر المحلية والدولية، ويحضره كتّاب ومؤلفون بارزون. يشمل عقد محاضرات، وورش عمل، وجلسات توقيع الكتب.
مهرجان الموسيقى الصوفية الدولي (International Mystic Music Festival)
يُعقد أيضاً في شهر سبتمبر من كل عام، وهو مناسبة للاحتفال بالموسيقى الصوفية المذهلة من مختلف الثقافات حول العالم. يشارك في المهرجان فنانون وموسيقيون يقدمون عروضًا موسيقية تُبرز التراث الصوفي بألحانه وأغانيه المختلفة.
مهرجان زهرة التوليب (Tulip Festival)
قونيا مشهورة بزراعة زهرة التوليب التي يتم تصديرها لملايين منها سنوياً إلى بلدان أوروبية وآسيوية.
لذا يُقام هذا المهرجان في فصل الربيع للاحتفال بجمال هذه الزهرة، حيث تُزين المدينة بالتوليب وتُقام معارض فنية وحفلات موسيقية في الحدائق العامة.
يمكنك مزامنة زيارتك معالم سياحية في قونية مع هذا الوقت الرائع.
فنادق مقترحة في قونيا
كهدف لملايين الزوار والسياح سنويا، تزخر المنطقة بمجموعة من الفنادق التي تناسب مختلف الميزانيات، بدءًا من الفنادق الاقتصادية وصولاً إلى الفنادق الفاخرة. إليك بعض الاقتراحات التي لاقت شهادات وتقييمات إيجابية عموماً:
فندق ديديمان قونيا (Dedeman Konya Hotel)
يُعد من الخيارات الفاخرة، حيث يُوفر إقامة مريحة في غرفة راقية التأثيث والتجهيز. يوفر أيضاً مركزاً صحياً عالي المستوى للاستشفاء والاستجمام. يقع في منطقة سيلكوكلو ويعد من فئة الخمس نجوم.
فندق أنيمون قونيا (Anemon Konya Hotel)
من فنادق الخمس نجوم في منطقة سيلكوكلو أيضاً، قريب لمتحف مولانا ومحطة قطار قونية. يعد من أبرز الفنادق المفضلة لرجال الأعمال والمستثمرين القادمين إلى قونية.
فندق قونية دراويش (Konya Dervish Hotel)
فندق من مستوى 3 نجوم وسط المدينة، يقع داخل منزل عثماني يعود إلى القرن التاسع عشر، ما يمنح النزلاء انطباعاً حميمياً خاصاً، لا سيما بوجود الأرضيات الخشبية. يمتاز هذا الفندق ذي الأسعار المعقولة بكادر ودود للغاية، كما أنه محاط بالعديد من المطاعم والمقاهي، ما يوفر للسياح تجربة غنية في بقعة صغيرة.
فندق بيرتفنيال العزيزية (Pertevniyal Aziziye Hotel)
يقع هذا الفندق اللطيف ضمن الأحياء التابعة لبلدية ميرام في قونيا. يعد من الخيارات الرخيصة نسبياً، قياساً إلى كرم ضيافته، لا سيما وجبة الفطور الغنية والطازجة التي تناسب متبعي الحميات الغذائية المختلفة. أكثر ما يميزه تم تسمية الغرف بأسماء نساء تركن بصمات إيجابية مؤثرة في التاريخ.
فندق ظافر (Konya Zafer Pansiyon)
فندق صغير بنظام بنسيون، يبعد نحو كيلومترين عن متحف مولانا، مناسب لأفواج السياح غير العائلية أو المجموعات الشبابية.
يقدم غرفاً مريحة بعدة أسرّة، ويوفر مطبخاً في جميع الغرف، كما يسمح بالحيوانات الأليفة. يستهوي السياح الذين يحبون التواجد ضمن المدن وفي أحيائها المليئة بالمتاحف. خيار رخيص وجيد يضاف إلى خريطة الفنادق المتنوعة التي تلبي حاجات السياحة في مدينة قونية.